Wednesday 5 September 2012

الاعاقة في زمن الصراعات المسلحة والنزاعات والأزمات الطارئة والحروب


ما هي الاعاقة؟

تقدر الأمم المتحدة بانه يوجد في العالم  اليوم حوالي 500 مليون شخص يعاني من الاعاقة.   ويزداد هذا الرقم في كل سنة نتيجة لعوامل كثيرة منها الحروب والصراعات المسلحة، ويعيش عدد كبير منهم في ظروف معيشية غير لائقة بسبب غياب المعرفة والجهل بقضايا الاعاقة، وأسبابها ونتائجها والوقاية منها والعلاج والتأهيل.

الحق في اعادة التأهيل
لقد حددت الاتفاقية الخاصة بحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة بأن اعادة التأهيل حق أساسي من حقوق الاشخاص ذوي الاعاقة بغض النظر عن نوع ودرجة الاعاقة وعلى المجتمع والدولة والاشخاص والاسرة ان توفر لهم خدمات اعادة التأهيل. والتأهيل هو عملية تهدف الى تمكين الاشخاص ذوي الاعاقة من الوصول الى طاقاتهم الكاملة المتضمنة قدراتهم الحسية والفكرية والنفسية والاجتماعية الى اقصاهما، كما تهدف الى توفير الادوات المساعدة للوصول الى اعلى درجة من الاستقلالية)




الاعاقة والحرب

الاعاقة في زمن الصراعات المسلحة والنزاعات والأزمات الطارئة والحروب

كلفة  الصراعات والحروب عالية ونتائجها قد تكون كارثية،  ومن اهمها التكلفة على حياة الانسان، وقد تتنوع النتائج من الوفيات الى الاصابات والجروح الى الاعاقة والتهجير. 

أسباب الاصابات والاعاقات  خلال فترة الأزمات والحروب تختلف عن أسباب الاعاقات في فترة السلم.  هناك عوامل كثير قد تساهم في أسباب الاعاقة خلال الحرب مثل طريقة الاسعاف، وكيفية توفير العلاج الطبي وسرعته ونوعيته، والاستراتيجيات الطبية ولإسعافييه لمواجهة الحالات الطارئة والجرحى  والامكانات المادية والبشرية التي  قد تتجاور الامكانات  والقدرات المتاحة.  

يعاني عدد كبير من الاشخاص من الاعاقة نتيجة الاصابة في فترة الصراعات والحروب أو من عدم توفر الامكانات  والمراد البشرية الطبية اللازمة للإسعاف والعلاج. بالإضافة الى الاقصاء وسوء الاوضاع المعيشية  وعدم توفير التأهيل اللازم الذي  قد يساهم في زيادة درجة الاعاقة. (عندما يتجاهل أفراد المجتمع الاشخاص ذوي الاعاقة أو يتناسوهم ويهملوهم ويقصوهم، قد يتحول هذا التجاهل الى تدميرهم نفسيا واعاقتهم مرة أخرى).  وقد اكدت الخبرات السابقة في ادارة الأزمات بأن الاشخاص ذوي الاعاقة هم أكثر الاشخاص المتضررين من العنف، وان الاستجابة اللازمة لتوفير العلاج واعادة التأهيل  غير كافية او قد تكون غير متوفرة. 

 قد يجد الاشخاص ذوي الاعاقة بأن ظروفهم تزداد سوء وذلك بسبب فقدان أحد افراد العائلة او الشخص الذي يوفر له الدعم والمساعدة، وعدم القدرة على التحرك في منزل نتيجة للعوائق الكثيرة. ان فقدان القدرة على التحرك او السمع أو الرؤية وعدم توفر المساعدة أو الدعم النفسي وربما عدم توفر الغذاء وغيره من الاحتياجات الاساسية يزيد من تعقيدات الحياة مع الاعاقة. كما ان  بعض الاشخاص ذوي الاعاقة وخاصة من النساء قد يتعرضون الى العنف الجسدي والاستغلال والاساءة الجنسية.

ان نسبة الاحباط والألم النفسي والصعوبات النفسية الاجتماعية بين الاشخاص الذين يعيشون في دول تعاني من الصراعات المسلحة تصل الى 60-70% ، بالمقارنة مع الدول الاخرى.  حيث يصبح الشخص ذو الاعاقة معتمدا على غيره في الحياة اليومية ويفقد استقلاليته وينتج عن المعاناة مجموعة من الاعراض النفسية التي تم توثيقها في عدد من الدراسات العلمية. وقد وفرت الابحاث اثباتات ان أكثر من نصف السكان في المناطق المتضررة من العنف يستطيعون ان يتجاوزوا الألم النفسي في حال توفرت لهم الرعاية الصحية-النفسية-الاجتماعية كجزء من برامج الاغاثة واعادة التأهيل.


اثار ونتائج العمليات العسكرية على الاشخاص ذوي الاعاقة في سورية

ان العمليات العسكرية خلال الثورة السورية تركت أثار مدمرة على حياة السكان المدنيين، وبشكل خاص على الاشخاص ذوي الاعاقة وحرمتهم من الحصول على العلاج واعادة التأهيل، حتى ان معظم خدمات الاغاثة المحدودة في معظمها لا يستطيع الاشخاص ذوي الاعاقة  الجسدية من الوصول اليها حيث الحواجز، والادراج، والهدم وتدمير الطرقات من القصف والدمار يمنع الشخص ذو الاعاقة الجسدية بشكل خاص من الوصول الى أماكن الاغاثة والعلاج.

ان عدد كبير من الجرحى والمصابين خلال العمليات العسكرية تحولوا الى أشخاص ذوي اعاقة دائمة بسبب شدة الاصابة او عدم توفر الاسعاف والعلاج الطبي و اعادة التأهيل اللازم. وقد قامت المستشفيات السورية بتخريج المرضى بسرعة بسبب الضغوطات الكبيرة وعدم توفر القدرات والامكانيات للتعامل مع أعداد كبيرة من المرضى والجرحى. وقد عاني عدد كبير من الأشخاص ذوي الاعاقة التي تمت بتر أطرافهم أو تعرضوا لتشوهات كبيرة من اهمال طبي بسبب مقصود أو غير مقصود نتيجة الوضع القائم. ونتيجة لذلك ازدادت الاضطرابات النفسية مثل الاحباط والضغوط النفسية الشديدة في سورية. حيث ان الجروح النفسية قد تكون أصعب من الجروح الجسدية وخاصة بعد الاعاقة، فمع الاهمال وعدم الاهتمام قد يتولد شعور بان الانسان ذوي الاعاقة تعرض للخيانة  وعدم التقدير لمعاناته وبأنه دفع حياته ثمن فادح نتيجة للثورة.

ازدادت معاناة الاشخاص ذوي الاعاقة ( المعاقون قبل الثورة) حيث لم تعد تتوفر لديهم القدرة ال الوصول الى مراكز التأهيل والعلاج التي تم اغلاق عدد كبير منها وخاصة في الأماكن الساخنة (على سبيل المثال، الجمعيات أو المؤسسات  ومراكز التأهيل والمدارس الخاصة بالأشخاص ذوي الاعاقة تم إغلاق معظمها نتيجة للوضع الأمني) وعدد كبير من الاشخاص ذوي الاعاقة حرموا من المساعدة وتوفير التأهيل والتعليم .

لقد قمنا بمقابلة عدد كبير من الاشخاص الذي اصيبوا بجروح بليغة وجدية الذي وصفوا لنا معاناتهم اليومية مع الحياة مع الاعاقة. فمثلا الاشخاص الذي تعرضوا للشلل قد يحتاجوا الى اجهزة خاصة ومعالجة فيزيائية وأدوية خاصة لمنع الألم وغير ذلك من الاحتياجات الأساسية والتي لا يمكن الاستغناء عنها.

كما ان عدد كبير من  الاشخاص المصابين والجرحى والمعاقين فقدوا وظائفهم وفقدوا قدرتهم للتعلم (أكثرهم لن يستطيع العودة الى العمل أو الى الدراسة) وفقدان العمل يؤدي الى فقدان الدخل وفقدان القدرة على تحمل الاعباء المعيشية، وتزداد معاناتهم مع الاعاقة لتصبح معاناة مع الاعاقة والفقر.

No comments:

Post a Comment