Saturday, 22 September 2012

اضطراب ما بعـد الصدمة - دليل مجموعات الدعم النفسي لضحايا القمع والعنف




إعداد
د. موسى رحوم عباس
دكتوراه الفلسفة في علم النفس العيادي
  

الإهداء
        إلى ضحايا الطغاة والوحوش البشرية،
                  لكــــــــــم المجــــد والمحبة، ولهم العار.

                                                    د. موســــــــــــــــــــــــــــــــى رحـــــــــــــــوم عباس
                                          دكتوراه الفلسفة في علم النفس العيادي



المدخـــــــــل
  من بين أكثر الاضطرابــــات النفسيــــة شيوعا لدى المجتمعات التي تُنكب بالحروب ســواء الحروب التي يشنها الأعداء الخارجيون أم الحروب الأهلية وأعداء الداخل اضطرابات ما بعد الصدمة، (Post traumatic stress disorder)، والمعروف اختصارا (PTSD
وقد عانت منه شعوب كثيرة، في القارات كافة من فيتنام وكمبوديا والبوسنة وأفغانستان والعراق وكرواتيا ... والقائمة تطول، وها نحن نشهد فصلا جديدا في هذه القائمة في انضمام بلادي سوريا إلى صدر هذه القائمة الحزينة، وهكذا لا يقتصر دور الطغاة إلى تدمير البنى التحتية وقتل الناس، بل يلاحق أولئك الناجين لتدمير حياتهم، ومستقبلهم، ليتحولوا إلى كم مهمل معطل عن العمل والإنتاج، يعاني من الاضطرابات النفسية وآلامها المدمرة للرغبة في العودة للحياة الطبيعية، بل الرغبة في الحياة نفسها. ومن المؤلم أن نشهد حركة نزوح لا مثيل لها من الأراضي السورية إلى دول الجوار، وهذا له آثاره المدمرة على حياة الناس، وبخاصة أضعف حلقات المجتمع وأقلها مقاومة، وهم: الأطفال، والنساء، وكبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة. فإذا كانت الدراسات تشير إلى  أن حوالي 25% من سكان يوغسلافيا السابقة عانوا من هذه الاضطرابات، وأن أكثر من 65% من البوسنيين المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية يعانون منه، لكن المحزن أن بلادنا لا تعترف بالتوثيق.

 ولا توجد إحصاءات يطمئن إليها الباحث، لكننا نرى الحقيقة الماثلة على أرض الواقع سواء أكان ذلك داخل المدن السورية الملتهبة، كحمص ودرعا وحماه وإدلب ودير الزور ...أم في مخيمات اللجوء في دول الجوار: تركيا والأردن, ماذا نقول عن أبطالنا الذين شهدوا ما يحطم طفولتهم، من قتل وذبح واغتصاب وتدمير وتنكيل وحط من كرامتهم الإنسانية.
 اعتقد أنَّه سيأتي من يقول أن (بول بوت) في كمبوديا، سيعتبر رجلا خيرا أمام ما يحدث في بلادنا من مجازر وقهر، لم يشهد التاريخ مثيلا لها من عهد هولاكو إلى ستالين.
           إن التوصيف القانوني لما يجري من جرائم ضد الإنسانية توصيف باهت، لا يرقى إلى مستوى المعاناة والآلام التي يعاني منها أهلنا في الداخل أو على الحدود، وللأسف أن هؤلاء الضحايا سيحملون آلامهم طويلا، وربما لما تبقى من حياتهم.



اضطراب ما بعد الشدة (PTSD): رؤية تاريخية

 تعرف الشدة (stress) بأنها أحداث خارجه عن إرادة الفرد، أو متطلبات استثنائية عليه، أو مشكلات تجعله في وضع غير عادي، فتسبب  توترا أو تشكل تهديدا يفشل في السيطرة عليه, وينجم عنه اضطرابات نفسيه, وقد تم تشخيص الاضطرابات ودراستها علميا، تبعا لوضوح الأعراض وشيوعها، وتطور هذا التشخيص تبعا لتطور علم النفس والطب النفسي، وهكذا تم دخول مصطلح (PTSD) اختصارا لاضطراب ما بعد الصدمة، أو اضطراب الشدة الصدمية، بحسب بعض الترجمات، ولأول مره في العام 1980م، وذلك في النسخة الثالثة من الدليل التشخيصي الإحصائي الأمريكي المعروف بـ  (DSM-III)، وجاء ذلك نتيجة لمآلات الحرب الفيتنامية الكارثية، على الشعب الضحية، أو على الجنود الأمريكيين المشاركين في هذه المأساة. وتوسعت الدراسات لتشمل الضغوط الحادة التي يتعرض لها الضحايا في غير الحروب، وينتج عنها ضغوط الشدة الصدمية، مثل: حالات الاغتصاب الجنسي وهو ما يلاحظ عند النساء اللاتي يتعرضن له، أو الأطفال ، والحوادث الخطيرة، وشهود حالات العنف، أو حتى الحوادث المرورية الخطيرة، والكوارث الطبيعية، التي ينتج عنها تخريب ودمار للمدن والقرى والتجمعات السكانية، وقد نبهت النسخة الأخيرة للدليل الأمريكي (DSM-IV) إلى ضرورة التمييز بين:
1-        اضطرابات ما بعد الصدمة (PTSD).
2-        اضطرابات الضغط الحاد (a cute stress disorder)
حيث أشار إلى أن الاضطراب الثاني يستجيب للشفاء بسرعة، فيما يدل المصطلح الأول على الحالة التي لا تستجيب، ولا يحصل فيها شفاء سريع.
وأدرجت منظمة الصحة العالمية هذا الاضطراب ضمن الفئة (F40-F48) وهي فئة خاصة بالعصاب، والاضطرابات ذات العلاقة بالضغوط الجسمية المظهر (Erotic stress related and somatoform disorders) ووصفته بقائمة فرعية خاصة بردود الفعل نحو الضغط الحاد واضطرابات التكيف، والتي تشمل خمسة أنواع، هي:
1-        ردة فعل الضغط الحاد (A cute stress reaction).
2-       اضطرابات ما بعد الصدمة (post-traumatic stress disorder)
3-        اضطراب التكيف (Adjustment disorder).
4-        ردود فعل أخرى نحو الضغط الحاد                                                                                                              (other reaction to sever stress unspecified).       
5-        غير محددة (unspecified).

الأعراض والتشخيص:

 اضطراب ما بعد الصدمة، هو: استجابة متأخرة لحادثة أو موقف ضاغط جدا يسبب كربا نفسيا لكل من يتعرض له، مثلا: كارثة من صنع إنسان، أو معركة خطيرة، أو حادثة، أو مشاهدة موت لآخرين، أو أن يكون الفرد ضحية تعذيب، أو إرهاب، أو اغتصاب، أو أي جريمة أخرى. ولكن السؤال المهم هنا هو:

 هل كل من يتعرض لواحدة أو أكثر من الحالات السابقة بالضرورة سيصاب باضطراب ما بعد الصدمة؟

 والجواب ليس بالضرورة، فالاستعداد النفسي والسمات الشخصية أو تاريخه المرضي السابق، كلها عوامل تسهم في تنشيط هذا الاضطراب أو ضموره. ولكي نشخص هذا الاضطراب، لابد أن تستمر الأعراض لأكثر من شهر وفقا للمعايير التالية:

أولا:- استعادة الخبرة المؤلمة: أي يستعيد المريض الأحداث التي سببت له هذا الاضطراب بواحدة من الطرق التالية:
1-        كوابيس وأحلام مزعجة ومتكررة.
2-        ذكريات وأفكار تتوارد عليه بصورة متسربة لا يستطيع مدافعتها مما يسبب له الحزن والهم والتوتر الدائم.
3-        شعور المريض بإمكانية تكرار وقوع هذا الحادث وتوارد صوره وخيالاته أمام عينيه.
4-        الكدر الشديد عند رؤية كل ما يذكره بتفاصيل الحادث أو شخوصه وكل ما يمت له بصله.

ثانيا:- تجنب كل ما يرتبط بالحادث الصادم: وهو يعني ظهور استجابات تجنبيه لدى الفرد لم تكن موجودة عنده قبل الحادث، ومن مظاهر هذه الاستجابات التجنبية ما يلي:

1-        تجنب الأماكن أو الأشخاص أو المواقف التي تذكر بالحادث.
2-        طرد الانفعالات والأفكار المرتبطة به مثل تجنب الحديث عنه أو الإفراط بالكحول أو المخدرات هربا من الذكريات المؤلمة.
3-        العزلة والانزواء بعيدا عن النشاطات والهوايات.
4-        البرود العاطفي ويظهر هذا جليا في النفور من العلاقات العاطفية وضعف القدرة على الحب.

ثالثا:- فرط الاستثارة: وهي ظهور حالات من فرط الاستثارة لم تكن موجودة قبل الحادث ومنها:

1-        صعوبات النوم.
2-        نوبات الغضب والسلوك العدواني ( اللفظي أو البدني ).
3-        التشنج وصعوبات الاسترخاء.
4-        صعوبات التركيز.
5-       المبالغة في ردة الفعل عند سماع أي تنبيه أو ملامسة من قبل الآخرين.

هذه هي الأعراض العامة، وهنالك أعراض أخرى مصاحبة، منها: القلق، الكآبة، الشعور بالذنب، الشعور بالدونية وضعف تقدير الذات، وظهور أفكار انتحارية أحيانا، وعنف انفجاري، أي نوبات عنف مفاجئ، وتكون على شكل كاسح ومباغت كردة فعل حادة.

تفسير أسباب اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

 تعددت النظريات التي فسرت ظهور هذا الاضطراب، وسنوجز أهمها، لنضع بين يدي المرشدين النفسيين أو المنشطين، الذين يعملون في مخيمات اللجوء أو مناطق الكوارث والحروب، بعض المعلومات النظرية الضرورية.

1-        التوجه البيولوجي (Biological approach).
ويرى أصحاب هذا التوجه أن أسباب وراثية (genetic factors)، تؤدي إلى حدوث هذا الاضطراب، مستندين إلى دراسات على التوائم المتطابقة وغير المتطابقة، أشارت إلى وجود ارتباط ما بين عوامل الوراثة وظهور الاضطراب، وقد لاحظوا على الأفراد الذين أصيبوا بهذا الاضطراب، أن تاريخهم العائلي يشير إلى ظهور اضطرابات أخرى، وأمراض نفسية قبل حصول الحادثة (الحوادث).
2-        التوجه العضوي - الكيميائي (Biochemical approach)
وهو يندمج بالتوجه السابق، إلا أنه يركز على العوامل الحيوية الكيميائية كزيادة مستويات النور أدرينالين والروبامين، مما يؤدي إلى زيادة مستويات الاستثارة والخوف والجفلة. ويركز أصحاب هذا التوجه، إلى ضعف جهاز المناعة أصلا، لدى الأفراد الذين يتعرضون لاضطراب ما بعد الصدمة.
3-        التوجه النفسي التطوري (Psychodynamic approach )
وهو توجه يستند غلى نظرية فردية، حول صدمة الولادة وما يصاحبها من إحساس الوليد بالاختناق، وبأنها التجربة الأولى للقلق عند الإنسان، ولأن تطور هذا الإحساس يربك الإنسان فإنه يلجأ لكبته، وفي الواقع هذا التوجه لا يفسر سبب الاضطراب بقدر ما يركز على الأعراض

4-        التوجه السلوكي (Behavioral approach)
ويركز هذا التوجه على البيئة، وأهمية التعلم في تحديد السلوك بنوعيه: السلوك السوي وغير السوي, مهملين النواحي الوراثية والخبرات اللاشعورية، فمثلا: المرأة التي تتعرض لحادث اغتصاب في حديقة عامة تظهر خوفا شديدا كلما مرت بالقرب من هذه الحديقة، وربما عممت هذا الخوف على كل حديقة.
5-        التوجه المعرفي (Cognitive approach).
النظرية المعرفية تفترض أن الاضطرابات النفسية ناجمة عن تفكير غير عقلاني نحو الذات أو العالم.
6-        العوامل الاجتماعية (Social factors).
ويرى أصحاب هذا التوجه أن الأهمية الكبرى للعوامل الاجتماعية في الأفراد الذين تعرضوا للحادثة نفسها، نجد فئة منهم تجاوزتها بأقل خسائر ممكنة بسبب وجود الإسناد الاجتماعي والظروف المهنية للدعم, أما الآخرون ممن أهملهم المجتمع فقد ساءت أحوالهم وتطورت لديهم مستويات عالية من القلق والخوف.

الخلاصة:
              إن نظرة فاحصة لكل هذه التوجهات تؤدي إلى نتيجة واحدة، وهي: كل هذه العوامل والتوجهات صحيحة ونسبية في الوقت نفسه, أي أن وزن كل عامل يختلف من حالة إلى أخرى, فمثلا هذه الحالة القيمة الأكبر فيها للوراثة والعوامل البيولوجية بينما العامل الاجتماعي ضعيف, وتلك الحالة العكس, وهكذا. أي أن المتطوع أو الناشط الذي يتولى المساعدة النفسية للضحايا, عليه أن يدرك أن لكل حالة خصوصية, رغم وجود المشتركات العامة بين الجميع.

المشكلات المصاحبة لاضطراب ما بعد الصدمة (PTSD)

للأسف، تصحب اضطراب ما بعد الصدمة مشكلات كثيرة، تزيد من تعقيد الحالة، وتصعب على الناشطين في المجال الإنساني في أوساط الضحايا مهمتهم الإنسانية النبيلة، ومنها:
1-        النوبات العنيفة: وتظهر هذه النوبات بصورة عنيفة عند المرور بمواقف تحاكي الموقف الصادم، الذي تعرضوا له وتترافق بارتفاع الحرارة والخلجان،و التعرق، واضطراب نبضات القلب.
2-        السلوك الانزوائي: إن المصاب يفضل الاختباء وحيدا، ولا يميل للاندماج في المجتمعات، حتى أنه يحبس نفسه في غرفته أحيانا.
3-        الاكتئاب: ويظهر ذلك جليا في البعد عن أي عمل يجلب المتعة، إنه يغير برنامجه اليومي تماما، ليصبح زاهدا في أي نشاط وكأنه يحمل نفسه المسؤولية عما حدث. أو أنه يشعر بأنه لم يقم بما يجب لحماية نفسه والآخرين وهذا غير واقعي لكنه مؤلم.
4-        الميول الانتحارية: وهو منحى خطير يجب التعامل معه بجدية وتكثيف المراقبة لمن يظهر هذه الميول، وبخاصة من ضحايا الاغتصاب.
5-        العنف الشديد: وفي الغالب تكون ردود فعل المصابين عنيفة نحو الآخرين، أو المتطوعين، والناشطين.
6-        الإسراف الكحولي أو الإدمان: لوحظ على بعض المصابين الإسراف الكحولي أو الإقبال على المخدرات، ظنا منهم أن ذلك يخفف الألم، وفي المنطقة العربية ربما تلعب الثقافة الدينية للحد من ظهور هذه المشكلة أو التقليل من آثارها.
7-        الشعور بالغربة: يشعر المصابون بهذا الاضطراب بالغربة والعزلة، ويعتقدون بأن الآخرين لا يفهمونهم، لذا يبتعدون عن الأصدقاء وحتى الأهل، وهذا ما يؤكد أهمية الدعم الاجتماعي والنفسي لهم.
8-        انخفاض الإنتاجية: لأن المصاب باضطراب ما بعد الصدمة  يفضل الانسحاب من المجتمع, وتنخفض دافعيته للعمل إلى ما يقرب الصفر،فإن ذلك يؤدي بالتأكيد إلى انخفاض في أداء مهامه اليومية، وصعوبات القيام بوظائفهم المعتادة قبل الحادث الصادم.
9-        نوبات البكاء ورثاء الذات: يغرق المصاب بهذا الاضطراب أحيانا في نوبات بكاء طويلة, صامتة أو مترافقة مع الصراخ.
10-   الموت المؤقت للعاطفة: كما تقول الدكتورة شارلوت كامل، وهذه إحدى ميكانيزمات الدفاع التي يلجأ إليها الضحايا، لاستعادة السلام الداخلي، ولكنها في الحقيقة تقتل معنى الحياة لديهم.

علاج اضطراب ما بعد الصدمة

للأسف أن المصابين بهذا الاضطراب – أو معظمهم- لا يطلبون المساعدة ولا يبحثون عنها، مما يجعلهم عرضة، للألم الصامت، والمشاعر السلبية، وفقدان الثقة بالمحيط، وهذه تؤخر التعافي منه، وتطيل مدة المعاناة، وربما ظهرت أعراضه بعد مدة طويلة عند حصول ظروف مشابهة أو الذكرى السنوية لتلك الأحداث الصادمة، لكن قبل الدخول في العلاج لابد من التركيز  والتشديد على ما يلي:
1-        لا تتجاهل الإشارات التي تلتقطها من الضحايا وبادر لتقديم المساعدة والدعم فورا.
2-        لا تتجاهل دور الأهل والأصدقاء في المساعدة على التغلب على آثار الصدمة.
3-        لا تنتظر استكمال فريق المساعدة، بل ابدأ بالإمكانات المتوفرة، مهما كانت بسيطة.
4-        قم بتصنيف الضحايا في مجموعات متشابهة مثل: الأطفال، النساء، ذوي الاحتياجات الخاصة، ضحايا الاغتصاب، دون أن تضع سمة معينة لكل مجموعة، أي تصنيف ذهني مبدئي.
5-        استفد من الموارد المتاحة، وفي المكان الذي أنت فيه.
6-        لا يدخل العلاج في مراحله التخصصية ضمن الأدوار التي يؤديها المتطوعون والمنشطون، بل يمكنهم المساعدة في توجيه الحالات التي تتطلب مساعدة اختصاصية نفسية وربما دوائية.
7-        يتنوع العلاج بين الفردي والجماعي حسب الحالة والعمر وشدة الاضطراب.

أنواع العلاج

          ليس المطلوب من فريق الدعم أن يكون متخصصا في كل أنواع العلاج، بل يطلب منه المباشرة في الدعم بعد حصول الحوادث الصادمة مباشرة، وفي الغالب في ظروف صعبة وفي ظل موارد محدودة، في مخيمات اللجوء مثلا، أو في مدن مدمرة أو شبه مدمرة، أو أحياء منكوبة, وهذه كلها تجعل مهمتهم صعبة وشاقة، ولكن النشطاء والمتطوعين هم حملة قلوب رحيمة ومشاعر إنسانية نبيلة لذا تراهم يتفانون في تقديم الدعم للآخرين ويشعرون بمتعة في ذلك، وهذا ما يدفعهم للمزيد من العطاء.
1-        العلاج البديل:
لاحظ المعالجون آثارا إيجابية لبعض أنواع العلاج البديل كالعلاج بالإبر الصينية، أو اليوغا، لكن يجب أن يكون بيد متخصصة ومدربة.
2-        النشاطات البدنية:
وسنتحدث عنها لاحقا بالتفصيل، لأهميتها وإمكانية تنفيذها بموارد قليلة.


3-        العلاج النفسي:
وهو مهم في حالات ما بعد الصدمة وبخاصة الاغتصاب والتعذيب، ويمكن لفريق الدعم التواصل مع المختصين بالعلاج النفسي في الأماكن القريبة من مخيمات اللجوء أو أقرب مكان للمدن المنكوبة، بحيث تنظم زيارات لهم، ووضع خطط علاجية يستهلكها ويشرف عليها فريق الدعم كل حسب اختصاصه والتدريب الذي تلقاه، وبصورة عامة يكون العلاج النفسي على ثلاثة مستويات:
1-        إدارة القلق: يعاني الضحايا من مستويات قلق مرتفع, وهذا طبيعي إذ تساورهم الشكوك حول إمكانية تكرار ما حصل, ويستعيدون تفاصيل معاناتهم لذا لابد من تمارين الاسترخاء, والتنفس العميق, ومحاولة استعادة الثقة بالنفس وتقدير الذات.
2-        العلاج المعرفي: ويتمحور حول التخلص من الأفكار السلبية اللاعقلانية التي ترافق اضطراب ما بعد الصدمة عادة.
3-        العلاج الفردي: ويهدف إلى مساعدة المصاب على مواجهة الظروف والأشخاص والمشاعر التي تذكر بالحادث أو الموقف، للعمل على تلاشي تلك المواقف تدريجيا أو التقليل من تأثيرها.
4-        العلاج الجماعي: وهذا يعتمد على تصنيف الحالات كما ذكرت ذلك سابقا، بحيث تكوّن مجموعات لكل حالة من الذين تعرضوا لمواقف متشابهة، بحيث يسهل التركيز على حالتهم وقياس مدى نجاح كل خطة.
5-        العلاج الدوائي: الأدوية المتاحة حاليا غير مخصصة لاضطراب ما بعد الصدمة، ولكن أدوية الاكتئاب والقلق وعقارات تحسين المزاج يمكن أن يكون لها فائدة، مع التأكيد أن أي وصف لعلاج دوائي لابد أن يكون بإشراف طبي، لتقدير الآثار الجانبية لكل دواء وتحديد الجرعات ومواعيدها، وتؤكد أنه لا يصرف أي دواء إلا من قبل الطبيب، ولا يحق لفريق الدعم النفسي القيام بذلك مطلقا.

ويعتمد العلاج الدوائي على ما يلي:
1-        الأعراض الحادة والمستمرة.
2-       الأفكار الانتحارية.
3-       الصعوبات الشديدة في القيام بالأعمال الاعتيادية.
4-       وجود تاريخ مرضي نفسي سابق للحادثة.

العلاج الاستباقي( الوقائي ) :
               ويقصد به رفع المناعة النفسية للأفراد قبل حدوث الكارثة أو الحرب، وذلك بالتثقيف النفسي وحماية النفس من الاضطرابات، ورفع الثقة بالنفس, وبناء الشخصية المرنة القابلة لاحتواء المواقف الجديدة وإدارة الأزمات، للخروج بأقل الخسائر الممكنة، مع بناء الوعي بآثار العنف على الأفراد والمجتمعات، وللمناهج الدراسية دور كبير في ذلك، ولخطط إدارة الكوارث ومؤسسات المجتمع المدني من جمعيات وروابط وهيئات مستقلة، أهمية كبرى في التقليل من آثار الحروب والكوارث، وكلما كان الدعم    سريعا، أمكن احتواء النتائج والآثار المدمرة لها.


كن مستعدا لـ :
  أ- إيجاد مكان آمن ومريح لضحايا اضطراب ما بعد الصدمة.
ب- العناية الطبية وفقا للمواد المتاحة.
ج- توفير التغذية المناسبة.
د- توفير الدفء، فالشعور بالبرد والارتجاف طبيعي لمن يصابون باضطراب ما بعد الصدمة، وهو رد فعل متكرر.
هـ- الاستماع للمصاب، وعدم إهمال التفاصيل التي يذكرها, والاهتمام بكل ما يقوله.
ز- لا تتركه وحيدا مطلقا.
و- الاهتمام بشؤون عائلته، والتأكد من أنهم بأمان, فهذا يساعده على سرعة الاستجابة للعلاج.
س- مناقشة المصاب بردود أفعاله حتى لو أكد أنه بخير، ويستطيع السيطرة على الوضع بمفرده.
ش- ضحايا اضطراب ما بعد الصدمة من كل الفئات العمرية وللجنسين الذكور والإناث.
ص- لاضطراب ما بعد الصدمة عقابيل، قد تستمر طوال العمر، وهذا راجع لاعتبارات كثيرة تحدثنا عن بعضها سابقا.
ط- تقبل ردود أفعال المصابين فهم مستفزون, متوترون يشعرون بالتهديد من كل شيء.



عدالة السماء

  يبدو أن يد العدالة تأبى إلا أن تطال أولئك الطغاة والمجرمين الذين يسببون ذلك الألم للضحايا، فلا يسلمون هم من اضطراب ما بعد الصدمة، فقد دلت الدراسات الأمريكية على الجنود المشاركين في غزو العراق أن 17% من الجنود الذين ما زالوا في الخدمة، و25% من جنود الاحتياط كانت نتائج اختباراتهم إيجابية، أي يعانون أيضا من اضطراب ما بعد الصدمة, وصور ضحاياهم وصرخاتهم تلاحقهم في اليقظة والمنام, فتقض مضاجعهم ليدفعوا ثمن آلام الناس، وهو جزاء وفاق لما اقترفت أياديهم الآثمة.


أشكال اضطراب ما بعد الصدمة

لقد رأت الدكتورة ش. كامل أن لهذا الاضطراب ثلاثة أشكال:
1- الشكل الحاد: وهو يبدأ مباشرة بعد حدوث الصدمة، ويستمر لفترة تصل إلى ستة أشهر, وإمكانات الشفاء كبيرة.
2- الشكل المزمن: وفي هذا النوع تستمر الأعراض أكثر من ستة أشهر, وتحتاج لفترة أطول من العلاج.
3- الشكل المتأخر: ولا تظهر الأعراض في هذا الشكل مباشرة بعد حدوث الصدمة, بل تمر في فترة كمون (ركود) قد تمتد إلى أشهر أو سنوات, ويحتاج لعلاج طويل ومعقد.
المراحل التي يمر فيها المصاب باضطراب ما بعد الصدمة:
1- مرحلة الرفض: وتتميز بالانفعال الشديد والصراخ.
2- مرحلة الإنكار: وتختلط فيها مشاعر النقمة والخوف.
3- التجنب: يحاول الأشخاص المصابون باضطراب ما بعد الصدمة الابتعاد عما يذكرهم بالتفاصيل.
4- محاولة الانسحاب والسيطرة على القلق: ربما تترافق هذه المرحلة -عند البعض- بتعاطي الكحول، أو المخدرات، أو الإفراط بالتدخين, وتناول المهدئات.
5- التأرجح بين النكران والتبلد.
6- التقبل والاحتواء: وهي المرحلة الأخيرة, وفيها يحدث التحسن في الاستجابة, مع اضطراب المزاج, وكثيرون يبدون تكيفا مع الحالة، وتتحسن أحوالهم مع تطور العلاج.

العلاج السلوكي والمعرفي:

ويهدف إلى:
1- مساعدة الضحايا على التحقيق التدريجي لحساسية المنبهات المؤلمة, من خلال التعرض لها, ثم الاسترخاء والدمج بين العلاج الفردي للحالة، والعلاج الجماعي والعائلي.
2- التدريب على التكيف مع المشكلات من خلال التدرب على الأفكار الإيجابية، والسيطرة على الأعراض الفيزيولوجية الجسدية.
3- تمارين الاسترخاء.
4- لعب الأدوار.
5- الكلام الإيجابي.
6- التخيل الإيجابي.
7- طريقة حل المشكلات.
8- تعريض الشخص لمجموعة من المواقف الضاغطة، فالتدرب على التعامل مع الضغوط المخففة يساعد على التكيف مع الضغوط الكبرى.
جرب الأسئلة التالية:
- ماذا حدث أو ماذا جرى لك؟
- لماذا حدث؟
- لماذا تصرفت بهذا الشكل أثناء الصدمة؟
- كيف تتصرف إذا تعرضت لحدث مماثل أو مشابه في المستقبل؟
فإذا استرسل في الإجابات، ووصف الصدمة دون بكاء، ودون صراخ وانفعال شديد، فهذا مؤشر إيجابي لفعالية العلاج، وإمكان التحسن.
           ويجب أن ننتبه إلى أن العلاج الجماعي، ليس بديلا عن العلاج الفردي بل مكمل له، مع التركيز على أن استخلاص العبر من الأزمات والصدمات يؤدي إلى نمو الشخصية لمزيد من التكيف، وهذا يتوقف على مدى إيجابية الشخص في حياته.


العلاج بالرسم

يعد الرسم من أنواع العلاج الناجعة المخففة للضغوط الناتجة عن الكثير من الاضطرابات النفسية وبخاصة للفئات العمرية الصغيرة من أطفال ومراهقين وهو سهل التطبيق وبخاصة إذا طبق ضمن العلاج الجماعي للضحايا ، وقد لوحظ إقبال الأطفال على رسم الوجوه سواء الضحايا أو المعتدين وهم بذلك يفرغون مشاعرهم السلبية ، فتراهم يرسمون تلك الوجوه الشائهة التي سببت لهم الرعب بطريقتهم ، ثم يمزقونها ، إنهم ينتقمون منهم ، لترتاح ضمائرهم ، وتهدأ نفوسهم المتعبة ، ومع الرسم نطلب إليهم الحديث عن رسومهم ، التكلم إليها ، والاسترسال في ذلك ، لا نقاطعهم ، نستمع باهتمام ، ونجعل تعليقاتنا مقتضبة ، وفي نهاية الجلسة ، نقيم معرضا لكل هذه الرسوم ، ليشترك الجميع في التعليق وتبادل الآراء ، للرسم فعل السحر على الأطفال والمراهقين ، إذا استثمر جيدا من قبل المختصين .

الأشغال اليدوية وتدوير مخلفات البيئة

وهو حقل تابع للرسم ولكنه يركز على الأعمال اليدوية ، وهو مجال محبب بخاصة للفتيات ، فالتطريز وأشغال الإبرة ، تحقق لهن الرغبة في التعبير عن أنفسهن والتخفف من الضغوط ، واستعمال مخلفات البيئة في إعادة تدويرها لإنجاز أعمال يدوية جميلة ، فاستعمال العلب المعدنية والورقية والعيدان وبقايا الإسفنج ... الخ ، كل ذلك يمكن تحويله إلى أعمال جميلة تسهم في تصالح أبنائنا مع أنفسهم ، لتعود السكينة تدريجيا إلى نفوسهم المرهفة .

العلاج بالموسيقى

الموسيقى والإيقاع تشكل علاجا مناسبا للأطفال الذين يعانون من اضطراب ما بعد الشدة ، ويمكن أن يتخذ الأشكال التالية :
1- العزف على الآلات الموسيقية .
2- تكوين الفرق الموسيقية والاستفادة من الموهوبين موسيقيا .
3- الأناشيد الفرحة المبهجة .
4- الرقص التعبيري ( إذا توفر المهتمين والمدربين )

الدراما العلاجية

وهي نوع خاص من الدراما التي تسهم في تقمص الأدوار والتنفيس عن أبنائنا ، ولها أهمية كبيرة عالميا ، ويمكن للمتطوعين الاستعانة بنصوص تكتب لهذه الغاية ، أو نقل نصوص والتصرف فيها وفقا للحالة ، وليس من الضروري أن يكون هنالك مسرح متكامل وصوتيات وخلافه ، بل يمكن أن يكون مدخل المخيم ، أو أي بقعة صغيرة مسرحا ، أي لا نجعل الظروف الصعبة عائقا أمام العمل لمصلحة أطفالنا ضحايا الاضطهاد .

البرامج الرياضية

الرياضية ميدان خصب ومحبب للأطفال والمراهقين والشباب من الجنسين مع التركيز على ما يلي :
1- الاهتمام بالألعاب الجماعية : لأن اللعب الجماعي يعيد دمج الفرد مع المجتمع ، يشعره أنه ليس وحده ، ويخفف من احتقانه النفسي ، ومن الألعاب الجماعية : كرة القدم ، كرة السلة ، كرة الطائرة ، ...
2- الألعاب الخفيفة التنافسية : مثل مسابقات الجري ، تسلق مرتفع ، البحث عن المفقودات وهكذا ...
3- الألعاب المرحة : وما يسمى ألعاب ( الكيرمس ) وهي ألعاب صغيرة مرحة ، ويمكن التعرف على الكثير منها من خلال برامج الكشافة وغيرها .
4- المسابقات الرياضية : كأن يقام دوري بين مجموعات الأطفال والشباب ضمن المخيم ، وهو ما يثير حماسهم ، ويعيد البهجة لنفوسهم ، ويسهم في سرعة تعافيهم . 





قبل الختام
هذه نقاط للبداية ، أعرف أنَّ شبابنا وفتياتنا مبدعون ، يستطيعون ابتكار وسائل أخرى ، تسهم في التخفيف من آثار الكارثة في بلادنا ، وهم محبون لوطنهم وأهلهم ، وهذا ما سيدفعهم للعمل بكل إخلاص لهم ، من منظور علمي ومنهجي ، كانت سوريا منبعا للعلم والعلماء ،وستبقى بهمة شبابها وبناتها وحبهم للعمل التطوعي البناء منارة للحرية والديمقراطية . 

3 comments:

  1. Good job, thank you :)

    ReplyDelete
  2. update new-best free Cartoon Games online from internet. Toon Games is a free online cartoon flash games site where you can find games from all your favorite cartoons such as Ben10, Dora, Tom and Jerry, Spongebob and many more.
    العاب ماريو

    ReplyDelete
  3. ما أكثر شيء يؤثر سلبا على الطفل؟
    http://www.ju.edu.jo/
    UJ

    ReplyDelete