قصص تدمي القلب عن الحياة المدمّرة في سوريا
مارتن فلتشر
19 شباط (فبراير) 2013
في العاشر من
شهر تموز الفائت، كانت راما ذات الخمسةعشرعاماً ووالداها في طريقهم لزيارة
أختها في مدينة أريحا الواقعة تحت سيطرة الحكومة في محافظة إدلب السورية.و
عندما وصلت سيارتهم إلى تلّة منحدرة نزلت راما مع والدتها من السيارة
لتمشيا،و في تلك اللحظة أصيبت بطلقة ناريّة في رقبتها أطلقها عليها قنّاص
تابع للنظام.
عندما سقطت راما ظننت أنها خائفة و مغمًى عليها” تقول والدتها حسنا ” ثم رأيت الدم ينزف من رقبتها و بدأت بالصراخ
ترقد الفتاة
اليوم شاحبةً لدرجة الموت ،على سريرٍ في مركز لإعادة التأهيل في هذه
المدينة التركية الحدودية. و هي شبه مشلولة،.وليس بإمكانها سوى تحريك
ذراعيها بشكل محدود، ولا يمكنها بسط أصابعها .
“أحاول ألّا أفقد
الأمل ” تقول راما ”أحاول ألّا أسمح للحزن أن يغمرني، وأن . أعمل على
تقبّل ما حصل لي لأنني لو لم أفعل ذلك سيكون الأمر صعباً جداً.”
والدها- رضوان-
يصارع من أجل التأقلم مع المأساة التي حلت بابنته الرابعة من خمسة أطفال
لديه. ” أشعر و كأن شيئاً يشتعل في قلبي” يقول الرجل ” أسأل الله أن ينتقم
من هذا النظام. ليس لديهم أيّ قيم.”
ليست ابنتي فحسب، ففي كل أرجاء سوريا يُقتل الناس و يصابون .”
مركز إعادة
التأهيل الذي يشغل فندقاً سابقاً، و يُموَل بشكل أساسي من قبل أطباء سوريين
مغتربين، يُقدّم دليلاً وافيّاً على ذلك. فيه 80 مريضاً: رجال و نساء و
أطفال مفعمون بالحياة خرجوا من سوريا ليتلقوا العلاج في تركيا.و حوالي ال
30 منهم مشلولا. و البقية فقدوا أعيناً أ و أطرافاً أو يعانون من إصاباتٍ
بالغة ستُقعدهم مدى الحياة. القليل منهم هم من مقاتلي المعارضة و الغالبية
هم من المدنيين ، الذين هم الضحايا الأبرياء اللصراع الممتد في سوريا و
الدمار الملازم لحرب همجية مقززة للنفس.
, فعلى سبيل
المثال, النزيلة بجانب راما، آمنة شبيب في الخامسة و الستين من العمر, أم
لسبعة و جدة لأحفاد لا يُحصى عددهم. كانت تجني الزيتون في قريتها بمحافظة
إدلب عندما انفجرت قذيفةُ بالقرب منها. اخترقت الشظايا الشجرة (التي كانت
عليها) و رمت بها عن السلّم. كسرت ظهرها و لن تستطيع المشي مجدداً .
على طول الممر
مالك أحمد الذي غيّر للتو ضماداته،و هو طفل في الحادية عشرة من عمره كان
يرعى الغنم في ريف حماه عندما هاجمت طائرةُ حربيّةُ قريته. رجله اليسرى
قُطعت من تحت الورك.
نضال أحمد في
الحادية عشرة من عمره أيضاً، يتمدد في سريره متأوهاً بشدة. ثم كشف والده
الغطاء عنه لتظهرساقاه المتهشمتان و اللتان تم تثبيت عظامهما بأسياخ
خارجية. يقول الوالد: كان نضال يبيع الخبز مع أخيه الأكبر في معّرة
النعمان, المدينة التي تقع تحت سيطرة الثوارمنذ شهرين ،عندما انفجر صاروخ
سكود على مقربة منهم. قُتل أخوه مباشرة و نضال الذي يبدو مستحيلا أنّه
سيتمكّن من السير مجددا -ً و لكن لا أحد يُقِر بذلك- . و يستند على طرف
سريره لوح تزلّج كهدية تشجيعية من عائلة نضال لحثّه على الصمود.
تنطوي في كل غرفة
قصصاً تدمي القلب عن حياة دُمّرت، و في كل غرفة يستجدي أقرباء ا لمرضى
الذين لا حول لهم و لا قوة المساعدة من الزوار الغربيين
والد ميساء
زياد,والذي كان مقاتلاً مع الثوار، قُتل في احدى المعارك منذ تسعة أشهر.و
في الخريف الماضي دمرت قذيفة منزلهم جزئياً ،مما حدا بوالدة ميساء و
أطفالها الثمانية أن ينتقلوا للعيش في كهف, و هذا سلوك غير مستغرب في سوريا
اليوم. ميساء ذات الاثنى عشرعاماً خرجت لتلعب في أحد الأيام. فقام قناص
عند نقطة تفتيش للنظام على بعد 800 متر بإصابتها في ظهرها. ثم أطلق النار
على أخيها بينما كان يحاول سحبها إلى كهفهم.
يوسف الأخرس,
عشرون عاماً, طالب تمريض، أصيب في رقبته بينما كان يشارك في مظاهر قرب
جامعة حلب في الصيف الماضي .وهو يرقد اليوم في سريره غير قادرٍ على
الحركة .و بالكاد يمكنه تحريك ذراعه وليس بإمكانه فتح أو غلق يديه. قال
أنه ليس نادماً على مشاركته بالمظاهرات. “فهذا لاشيء بالمقارنة مع أن تنال
سوريا حريتها .”
صالح حسين
قاهياري, اثنا عشر عاماً, كان طفلاً يبحث عن المجد.و كان يحلم أن يصير
مقاتلاً في صفوف المعارضة مثل أبناء عمّه.و منذ أربعة أشهر بينما كان يقوم
بتوصيل الطعام للمقاتلين قرب قريته في أبو الظهور بمحافظة إدلب أصابت
شظايا قذيفة هاون عموده الفقري و عينه.و ربما يستعيد بصره و لكن ليس حركته.
يشارك صالحاً في
الغرفة مقاتلُ ملتحٍ اسمه راسم خضور خمسة وعشرون عاماً، و يناديان بعضهما
أخي – زميلي المقاتل. خضور أصيب في عموده الفقري من قبل قناص في حمص منذ
ثمانية أشهر. و قام رفاقه بتهريبه خارج المدينة عبر قنوات الصرف الصحي.
ألغى زواجه المقرر – ” لا أريد أن أتعبها معي ” – و يُصرّ أيضاً أنه ليس
بنادم: ” لا أبالي حتى و لو لم أستطع المشي مجدداَ في سبيل الخلاص من هذا
الطاغية.”
ليس واضحاً ما
سيحدث لخضّور و بقية المرضى ذوي الاعاقة .فهم لا يستطيعون العودة لبلدهم
المنهار في الوقت الحاضر أو المستقبل المنظور. و تفتقد أسرهم وسائل العناية
بهم. ” ليس بإمكاننا تركهم في الشارع.” يقول ياسر السيد و هو محامٍ من
إدلب يقوم بإدارة مركز التأهيل.
المركز بحاجة ماسة
للمساعدة الغربية، و لكن مناشدته لم تلقَ آذاناً صاغية . ويشتكي بمرارة من
أن الأوربيين يبدون أكثر إكتراثاَ بكلابهم من البشر. ” نحن بحاجة لأماكن
لهؤلاء الناس ولا يفعل أحد شيئاً,” يقول السيد ” هذا صعب جداً, لم أكن
لأتخيل أننا سنصل إلى هذه الحالة, حيث دُمرت حياة الناس بهذا الشكل!!. و
البكاء يهوّن علينا بعض الشيء.”
Source:
The Times
No comments:
Post a Comment