Wednesday 13 March 2013

ما هي الإعاقة...وما هي نظرة المجتمع لها وكيف تعاملت معها الديانات والمجتمعات ؟

بقلم : يونس أحمد الناصر

في قريتي الصغيرة وعندما كنت صغيرا دخلت عجوز فاقدة البصر إلى منزلنا لوحدها, وبدأت تسأل والدتي عن البيت و الأولاد , تسأل عن أخبارنا بالاسم عندها بدأ تفكيري على صغر عمري الاهتمام بهذه الشريحة و أوسعت والدتي بأسئلة كثيرة عن هذه السيدة ضاقت بها والدتي ولكنها روت فضولي إلى المعرفة فأخبرتني بأن هذه السيدة تعرف كل أهل القرية وتستطيع تمييزهم من أصواتهم وتعرف بيوتهم و أبناءهم , تسابق المبصرون إلى الباعة الجوالون لتشتري ما يلزمها وتعرف القطع النقدية التي تعطيها للبائع وحدث أن حاول أحدهم المزاح معها بأن ما أعطته هي قطعة نقدية أقل مما يطلب , فوبخته . يقول أهل القرية بأن بصيرتها أقوى من بصرنا , وبعد أن كبرت شدني هذا الموضوع وصرت أبحث عن المعلومة أينما وجدت فوجدت ما أذهلني وقبل فترة قصيرة دخل مكتبي شاب أنيق تغطي عيناه نظارة سوداء بادرني بالسلام بلغة عربية فصحى فدعوته إلى الجلوس فجلس بطريقة مهذبة ليعرفني عن نفسه بأنه أول صحفي كفيف في سورية وبأنه يحمل إجازتين جامعيتين وقد وجدته يتمتع بثقافة واسعة انه الصحفي الضرير " علي عويرة" واليوم ومع انطلاق الاولمبياد السوري الخاص بالمعوقين وجدت لزاما علي أن أكتب عن هذه الشريحة التي تجاوزت الإعاقة بإصرار يشبه المستحيل ليكونوا أفرادا ناجحين ومنتجين بل كثير منهم تجاوز الأصحاء إلى درجة الإبداع و سأورد نماذج تحتذى من هؤلاء .

فما هي الإعاقة وما هي نظرة المجتمع لها وكيف تعاملت معها الديانات والمجتمعات ؟

المعوقون :
المعوقون هم بعض الأفراد الذين يعانون من صوراً للعجز لا يحبذون استخدام مصطلح "الإعاقة" بسبب المعتقد بأنه يعني أن شخصاً ما لا يعمل ويقوم بالتسول مستخدماً قبعةً في يديه.

ويبدو هذا، بالرغم من ذلك، أنه ليس بالمصدر الصحيح لتلك المفردة. فقد ظهرت لأول مرةٍ في أحد ألعاب القمار تحت مسمى (هاند إن كاب) أو لعبة اليد في القلنسوة في القرن السابع عشر.

إلا أنه فقط وفي عام 1915 استخدم ذلك المصطلح لوصف الأفراد ذوي العجز، وذلك عندما يهدف استخدامه لوصف الأطفال المشلولين.

· الإعاقة و الذكورة:
أوضح المؤلف دانيال ويلسون أن صفات وملامح الذكورة تتضمن القوة والنشاط والسرعة والتحمل أو الجلد والشجاعة. وغالباً ما يحدث تحدٍ لتلك السمات عندما يتم مواجهتها بالعجز وأنه يجب على الصبي أو الرجل أن يعيد تشكيل المعنى المقصود من كون المرء ذكراً.

وعلى سبيل المثال، فبدلاً من تعريف "كون المرء ذكراً" من خلال المجهود الجسدي الذي يستطيع المرء القيام به، يجب عليه أن يعيد تعريف ذلك المصطلح من خلال كيفية مواجهة المرء للعالم وأحد صفات العجز أو الإعاقة مصاحبةً له بالإضافة إلى كل العقبات والأنماط التي قد تصاحب تلك الإعاقة أو العجز وقد وصف ليونارد كريجل في كتابه "الطيران فريداً" رحلته مع مرض شلل الأطفال وعملية تقبل ذلك العجز في عالم يقدّر الكيان الجسمي السوي. حيث كتب "كان لزاماً علىَّ أن أتعلم أن أكون بطل نفسي، المثل الخاص بي الذي أريد اتباعه – وبالأحرى أريد أن أقول أنني كان لزاماً على أن أتعلم أن أعيش في عالمٍ ليس به أبطال أو مثلاً يُحتذى".

· الإعاقة و الأنوثة
قد يرى البعض أن النساء العاجزات تواجهن ما يطلق عليه "عجزاً مزدوجاً" والذي يعني أنهن لا يجب عليهن أن يتعاملن فقط مع الأنماط والتحديات المفروضة عليهن بسبب الأنوثة، ولكنهن يجب عليهن أن يتعاملن كذلك مع تلك المفروضة عليهن لكونهن عاجزات.

· الإعاقة والنازية

اعتبرت الأيديولوجية الألمانية الإعاقة دليل على الانحلال واعتبرت جميع أنواع المعوقين تقريباً "حياة لا تستحق الحياة". المصابون بجميع أنواع الإعاقات من الذين يعانون من الاكتئاب، والإعاقة التعليمية والمعرفية، والشلل الدماغي، وأنواع الخلل المرضي مثل الضمور العضلي، والسرطان، وعاهات الحركة، و"بطئ التعلم"، والصمم والعمى كانوا يُوصفون بأنهم "أكلة عديمي الفائدة". المعوقون كانوا أول ضحايا جهود هتلر الرامية إلى إنشاء العرق السيد؛ إبادة المعوقين كانت عنصراً رئيسياً للخطة النازية لـ" تنقية ما يُسمي بالعرق الآري" ، حيث استمرت عمليات القتل حتى بعد انهيار آلة الحرب الألمانية.

· تعرف منظمة الصحة العالمية الإعاقة على النحو التالي :

"الإعاقة هو مصطلح يغطي العاهات، والقيود على النشاط ، ومقيدات المشاركة.

والعاهة هي مشكلة في وظيفة الجسم أو هيكله ، والحد من النشاط هو الصعوبة التي يواجهها الفرد في تنفيذ مهمة أو عمل، في حين أن تقييد المشاركة هي المشكلة التي يعاني منها الفرد في المشاركة في مواقف الحياة ، وبالتالي فالإعاقة هي ظاهرة معقدة، والتي تعكس التفاعل بين ملامح جسم الشخص وملامح المجتمع الذي يعيش فيه أو الذي تعيش فيه".

· إعلان الأمم المتحدة حول حقوق المعاقين

1. كلمة "معاق" تعنى شخصاً عاجزاً كلياً أو جزئياً عن ضمان حياة شخصية واجتماعية طبيعية نتيجة نقص خلقي وغير خلقي في قدراته الجسمية أو الفكرية.

2. يتمتع المعاقون بجميع الحقوق التي يتضمنها هذا البيان، وسيمنح المعاقون جميعهم هذه الحقوق من دون استثناء، ولا تمييز بعرق أو لون أو جنس أو لغة أو سياسة أو طبقة أو قرار أو أي أمر يتعلق بالمعاق نفسه أو عائلته.

3. للمعاق حق مكتسب في الحصول على الاحترام، ومهما يكن سبب الإعاقة وطبيعتها وخطورتها، فللمعاق الحقوق الأساسية نفسها كما لمواطنيه الذين هم في سنه، وهذا يعنى في الدرجة الأولى حقه في حياة كريمة.

4. للمعاق الحقوق المدنية والسياسية نفسها التي للأشخاص الآخرين والفقرة السابقة في الإعلان عن حقوق المتخلفين عقلياً تنطبق على أي حد محتمل لهذه الحقوق لدى المتخلفين عقلياً.

5. للمعاقين الحق في الاستفادة من الخدمات الطبية بما في ذلك الجراحة الترقيعية (إضافة عضو صناعي) أو إعادة التأهيل طبياً والمشورة في صدد التوظيف وسوى ذلك من الخدمات التي تؤهل المعاقين لتنمية قدراتهم ومواهبهم وتسرع عملية اندماجهم في المجتمع.

6. للمعاقين الحق في ضمان اقتصادي واجتماعي وفي حياة كريمة، ولهم الحق حسبما تسمح إعاقتهم في الاحتفاظ بعملهم أو شغل وظيفة مفيدة ومنتجة ومريحة وفى الانضمام إلى نقابات العمال.

7. تؤخذ الحاجات الخاصة للمعاقين في الاعتبار في كل مراحل التخطيط الاقتصادي والاجتماعي.

8. للمعاقين حق العيش مع عائلاتهم وحق الاشتراك في كل الأنشطة الاجتماعية والإبداعية والاستجمامية، ولن يتعرض أي معاق لأي تمييز في المعاملة فيما يخص المسكن إلا إذا استدعت حالته ذلك أو إذا كان ذلك يسفر عن تحسن في حالته، وإذا كان بقاء المعاق في مؤسسة خاصة أمراً لا مفر منه فيجب أن تتوفر في المؤسسة شروط تؤمن له حياة أقرب ما تكون إلى الحياة العادية لأي إنسان في سنه.

9. تؤمن للمعاقين حمايـة مـن كل أشكال الاستغلال والتمييز والظلم وانتهاك الكرامة.

10. يكون في وسع المعاقين الإفادة من الخدمات القانونية متى كانت هذه الخدمات ضرورية لحمايتهم وحماية ممتلكاتهم، أما إذا رفعت ضدهم دعوى قضائية فسوف تؤخذ حالتهم الجسدية والعقلية في الاعتبار.

11. تؤخـذ مشـورة المؤسسات المعنية بالمعاقين للإفادة منها فيما يتعلق بحقوقهم.

12. سيتم إعلام المعاقين وعائلاتهم ومجتمعاتهم عبر كل الوسائل بكل الحقوق التي وردت في هذا البيان

· تطور القوانين والتشريعات الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة عبر العصور:
أن الإعاقة ظاهرة قديمة قدم البشرية نفسها حيث لا يخلو أي مجتمع من المجتمعات مهما كان تقدمه العلمي والاجتماعي والاقتصادي منها وان اختلفت بنسبة وجودها من مجتمع إلى أخر وهي تراوح مابين 10 إلى12.5 % تقريباً بحسب ما تشير إليه أدبيات الموضوع ، بل يمكن القول أن المرض والإعاقة قدر قدره الله على عباده عند خلق الإنسان في السماء وقبل نزوله إلى الأرض ، ويزول عجبنا عندما نقرأ حديث الرسول عليه الصلاة والسلام حيث قال :
( لما خلق الله ادم مسح على ظهره فسقط من ظهره كل نسمه هو خالق من ذريته إلى يوم القيامة ، ثم عرضهم على ادم فقال : يا ادم هؤلاء ذريتك ، وإذا فيهم الأجذم ، والأبرص ، والأعمى وأنواع السقام ، فقال ادم : يا رب لما فعلت هذا بذريتي ؟ قال : كي تشكر نعمتي) .
ومن هنا بدأت معاناة الإنسان وخاصة ذوو الاحتياجات الخاصة منهم فلم يحظ أي منهم بأي اهتمام أنساني أو قانوني حتى عند المجتمعات القديمة التي سادت حضارتها العالم لفترة من الوقت:

فقد كان أفلاطون في كتابه الجمهورية, يقول: : أن الأشخاص ذوي الإعاقة ضرر على الدولة لان وجودهم يعيق التقدم ، والسماح لهم بالزواج يؤدي لا محالة إلى أضعاف الدولة ، بحيث كان يريدها جمهورية مثالية قادرة على كفاية نفسها ، كذلك دعا إلى نفي الأشخاص ذوي الإعاقة خارج الدولة .
أما سقراط: فكان يرى بان قيمة كل شي تقدر بصلاحيته على أداء وظيفته على الوجه الأكمل ، لذلك كان المجتمع اليوناني ينظر إلى الأشخاص ذوي الإعاقة بازدراء .
أما في إسبارطة: فكان المعوقون يعاملون معاملة قاسية وكان يلقى بهم في الأنهار لان فلسفة المجتمع الإسبارطي كانت قائمة على التربية العسكرية ولا حياة للأشخاص الضعفاء و الأشخاص ذوي الإعاقة .
ولم تكن نظرة الرومان والإغريق اكثر ايجابية: فقد كانت فلسفتهم مبنية على نبذ الأشخاص ذوي الإعاقة وكرههم حتى جاء حكماؤهم فطالبوا بضرورة تشكيل جمعيات هدفها البت في مدى صلاحية الفرد للمواطنة من عدمها.

وقد تغيرت هذه النظرة تدريجياً مع ظهور الديانات السماوية حيث دعت إلى تقبل الأشخاص ذوي الإعاقة وأظهرت حقهم في الحياة .

الديانة اليهودية: فقد أشارت إلى عدم قتلهم لأنهم هبة من الله يجب المحافظة عليهم والإحسان لهم .
أما الديانة المسيحية فقد نظرت إلى الأشخاص ذوي الإعاقة نظرة إشفاق ورحمة وأنهم في رعاية الله أو في كنف السماء .
وقد تجلت الرحمة والعناية الإلهية في نظرة الدين الإسلامي للأشخاص ذوي الإعاقة فقد وردت فيهم الآيات القرآنية العديدة التي تتلى إناء الليل وأطراف النهار، بل أن بعض هذه الآيات تجدد صور الأشخاص ذوي الإعاقة وهذا ما سوف نتناوله لاحقا.

· المسيحية و المعوقون [1]
وجهة نظر الكنيسة :

فالمعاق مخلوق على صورة الله ومثاله، وكونه معاقاً لا يشوّه صورة الله فيه، بل بالعكس يجعلها أكثر نوراً وأكثر لمعاناً! يعرف هذا كل معاق إن كان يحبّ الله وأكثر المعاقين هكذا، وأيضاً كل الأشخاص القديسين الذين صرفوا وقتاً، جهداً أو مالاً من أجل رعاية الأشخاص المعاقين والاهتمام بأمورهم.

المشكلة الكبيرة السائدة في مجتمعنا هي أننا لا نتبنى الموقف الكنسي الواضح في الكتاب المقدس وننظر إلى الإعاقة وليس إلى الشخص، ونعامل الشخص المعاق – سواء كانت معاملة مساعدة أو تعامل يومي عادي أو حتى سخرية أحياناً – بالنظر إلى إعاقته فقط لا إلى أنه مثل غيره على صورة الله ومثاله.

في العهد القديم نجد قصصاً كثيرة عن أشخاص كانوا معاقين جسديّاً، وأوّلهم كان موسى النبي الذي كان يعاني من ثقل في اللّسان ( خروج 4 :10-12)، ولكن الرب اختاره مع ذلك ليحدّث الشعب بكلامه! إن فكرنا البشري سيحدّثنا هنا بالتأكيد “لما لا يشفي الربّ موسى وقد أعطاه سلطاناً لأن يصنع عجائب كثيرة “، إنما فكر الرب كان مختلفاً، فقد أعطاه تدبيراً لإيصال الكلام للشعب وإن لم يشفه من دائه، وإذ لم يكن يقدر النبي على الكلام مع الناس فقد أعطاه الرب نعمة التكلم معه!

نجد أيضاً في العهد القديم قصة النبي ارميا الولد الخجول والذي كان لا يستطيع أن يعبر بطلاقة عما يريد “آه أيها السيد الرب هاأنذا لا أعرف أن أتكلم لأني ولد” فكان أن اختاره الرب ليوصل كلامه لشعبه ” ثم مد الرب يده ولمس فمي وقال لي : هاأنذا جعلت كلامي في فمك “( ارميا 1 :4-9).

في رسالة القديس بولس الرسول الثانية إلى أهل كورنثوس ( 2كور 12: 7-10 ) نجد أن القديس بولس كان أيضاً بشكلٍ ما معاق. وإذ كان همّه الأول أن يبشّر؛ طلب من الله بإلحاح أن يشفيه من الشوكة التي فيه، والتي ظهرت أنها قد تعيقه عن التبشير، هذا فكرنا البشري هكذا، إنما كان رأي الرب مختلفاً، إذ أجاب الربُّ بولسَ ” تكفيك نعمتي لأن قوتي بالضعف تكمل “، أي أن التبشير هو بفعل نعمة الربّ وليس هو بسبب القدرة الجسدية أو العقلية وهذا ما يركز عليه دائماً بولس الرسول في كل رسائله، بل إن بالضعف تظهر عظمة الله بالحري لأن الضعف سيؤدي إلى معرفة عجزنا فيتمجد الرب بنا.

إنما هي كلمة موجهة و مقصود بها كل إعاقة جسدية أو حتى غير جسدية في الدنيا، يكفي أن ننظر إلى شخصٍ معاق فرِحٍ يضحك لننسى همومنا كلّها وليتجدد رجاؤنا بالرب.

إنّ الإعاقة الجسدية ليست هي المشكلة، بل إعاقتنا الروحية.

قصص كثيرة نسمعها في العالم أيضاً عن معاقين صنعوا عجائب فكانوا إعلاناً لمجد الرب القدّوس.

في قصّةٍ قريبة العهد جدّاً رسامة عمياء كانت تبيع لوحةٍ لها بـ 200 دولاراً قبل أن يصيبها العمى، صارت عمياء فأضحى سعر اللوحة لها 10000 دولاراً! يتحدث زوجها عنها بقناعة: ” أؤمن بلا أدنى شك أن هنالك موهبة إلهية سماوية تعينها “ وقد تم عرض المقابلة على محطةٍ تلفزيونية فضائية غير دينية. وبالحقيقة نتساءل كيف لا يمجَّد الرب عندما يُرى رسامٌ أعمى بارعٌ في عمله أو موسيقيٌ أصم ومن أشهر الموسيقيين وأطفالاً يبرعون بما يعجز عن فعله الكبار حتى المحترفين منهم؟

قد يكون من المفيد أيضاً أن نقرأ ما تقوله قوانين الرسل القديسين حول انتخاب شخص معاق للكهنوت أو للأسقفية:

في القانون 77 من قوانين الرسل القديسين:

” أي شخص أعور أو أعرج ولكنه مستحق من كل وجه آخر لأن يكون أسقفاً فليشرطن لأن النقص الجسدي لا يدنس أحداً بل النقص الروحي ”

أما القانون 78 فيضيف:

” أما إذا كان الرجل أصم أو أعمى فلا يجوز أن يصير أسقفاً ليس لأنه تدنس بسبب ذلك بل لئلا تتعطل مصالح الكنيسة ”

و قد ارتأى كذلك القانون أن هناك ضرورة لوضع هكذا نص:

” أي اكليريكي سخر من أعرج أو أصم أو أعمى أو مقعد فليقطع من الشركة وبمثل ذلك يعاقب العامي أيضاً “ ( القانون 57 من قوانين الرسل القديسين ).

الرسول بولس يمدح الغلاطيين لأنه لم يحتقروه بسبب ضعفه الجسدي بل قد شاهدوا فيه صورة للمسيح: ” ولكنكم تعلمون أني بضعف الجسد بشّرتكم في الأوّل، وتجربتي التي في جسدي لم تزدروا بها ولا كرهتموها بل كملاكٍ من الله قبلتموني؛ كالمسيح يسوع “ ) غلا 4 : 13-14(

كوننا ننظر إلى المعاقين نظرة دونية هذا يعني بأننا ما زلنا نعاني من الكبرياء ، ونفتخر بمقدراتنا الطبيعية معتقدين أننا بسبب مقدراتنا الطبيعية نحقق الإنجازات، متناسين بذلك قول يسوع “بدوني لا تستطيعون أن تعملوا شيئاً” ( يو 15 : 5 ) و غير واعين أو فاهمين لقول الرسول “أستطيع كل شيء بالرب الذي يقويني” ( فيليبي 4 : 13 ) .

أخيراً أرجو أن تسمعوا هذه القصّة الغريبة، مازلت أذكرها لشدّة تعلقي بها.

في حيينا كان يوجد رجلٌ مسنٌّ أعمى اسمه يعمل في تقشيش الكراسي، كان يُحكى عن طيبته ومحبوبٌ من أهالي الحيّ، وحكى لي أهلي وقتها هذه الحكاية عنه:

كان في مدينة بيروت مرّة من أجل غايةٍ ما، وهناك ذهب إلى ما يدعى « ساحة البرج » وغنيٌّ عن القول ما كان في تلك المنطقة من زحمة سيارات خانقة. إذ رغب أن يقطع الشارع للجهة المقابلة أحس بوجود شخص قربه، فأمسك بذراعه وطلب أن يساعده لعبور الشارع، وافق الشخص الآخر فوصلا إلى الجهة المقابلة بأمان، فقال للشخص الآخر: ” أشكرك جدّاً إذ أنك ساعدتني على العبور فأنا كما تلاحظ رجلٌ أعمى وليس معينٌ لي في هذه الدنيا “، فيجيبه الشخص الآخر بعد برهة من الصمت ” أأنت فعلاً أعمى؟! أنا الذي يجب أن أشكرك لأني أنا أعمى أيضاً! “.

فنعمة الرب هي تساعدنا وليس أي شخصٍ لآخر، وتظهر نعمة الرب دائماً إذا كنّا ضعفاء وبحاجة إلى مساعدة.

· الإسلام والمعوقون :

نادى الإسلام منذ أربعة عشر قرناً بالمحافظة على المعوقين
وأعطاهم حقوقهم كاملة في إنسانية أخاذة، ورفق جميل، مما أبعد عن المعوقين شبح الخجل، وظلال المسكنة، بل إن الإسلام لم يقصر نداءه الإنساني على المعوقين فقط، بل امتد النطاق فشمل المرضى عامة، واستطاع المريض - أياً كان مرضه - أن يستظل براية الإسلام التي تحمل في طياتها الرأفة والرحمة والخير، وأن يتنسم عبير الحياة، في عزة وكرامة، كما أن الإسلام لم يقصر هذا النداء على مناسبة خاصة بالمعوقين لأن القواعد التي أرساها الإسلام سارية المفعول منذ أن جاء بها المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخفف من وقع المرض على المصاب: [ ما من مُسلم يصيبه أذى، شوكة فما فوقه، إلا كفّر الله بها سيئاته وحطت عنه ذنوبه كما تحط الشجرة ورقها] . أخرجه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود.

وعلى الرغم من أن المجتمعات تفاوتت في وجهة نظرها نحو هؤلاء الأشخاص ألا انه لم تبذل جهود مؤسسية منظمة لتقديم الخدمات التربوية والتعليمية والصحية لهم ألا مع حلول القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين فقد كانت تقدم لبعض فئات الأشخاص ذوي الإعاقة خدمات الإقامة الكاملة بعيداً عن المدن ، ثم شهدت العقود الأخيرة في القرن العشرين اهتماماً واسعا و شاملاً بهم حيث استطاعوا أن يعبروا عن حاجتهم ومشكلاتهم ، واكتسبوا الكثير من الحقوق التي تساويهم بغيرهم من أبناء المجتمع من خلال سن التشريعات والقوانين

· عرب تجاوزا الإعاقة إلى الإبداع :

1- إبان بن عثمان بن عفان : كان به صمم و حول وبرص ثم أصابه الفالج وهو شلل يصيب احد شقي الجسم طولا و بالرغم من هذا كان إبان من فقهاء التابعين و علمائهم في الحديث و الفقه وقد عينه عبد الملك بن مروان واليا على المدينة و كان يقضي بين الناس , وهو حاكم عليهم

2- الإمام الترمذي : هو صاحب سنن الترمذي المشهورة واحد أصحاب الكتب الستة المشهورة بالحديث و قد كان أعمى و لكنه أوتي من المواهب والأخلاق ما جعله من أكابر العلماء

3- الأحنف بن قيس : هو أشهر من اشتهر بالحلم والسؤدد عند العرب حتى ضرب به المثل في الحلم و كان في رجليه اعوجاج و لذلك سمي بالأحنف وكان ملتصق الفخذين فشق ما بينهما و كان أعرجا واعورا متراكم الأسنان وصغير الرأس مائل الذقن قصير القامة بارز الوجه منخفس العينين ومع ذلك فقد جمع خصال الشرف والسيادة والمروءة و الحلم و الحزم و اسلم و حسن إسلامه وقد دعا له النبي صلى الله عليه و سلم بقوله ( اللهم اغفر للأحنف ) فهو صحابي , و قد شارك في الجهاد الإسلامي والفتوحات فقد شهد فتوح فارس و خراسان بعهد عمر و عثمان و حضر موقعة صفين مع علي بن أبي طالب

4- القائد العظيم موسى بن نصير : كان أعرجاً و بالرغم من هذا كان من كبار الفاتحين المسلمين

5- الشاعر بشار بن برد :هو شاعر عباسي وكان أعمى منذ ولادته ثم أصيب بالجدري وكان شديد الذكاء و كان إمام الشعراء في زمانه

6- الشاعر أبو العلاء المعري : وهو شاعر عباسي أصيب بالعمى في الرابعة عشر من عمره

7- الشاعر الكميت بن زيد الاسدي : شاعر أموي وكان شاعر الهاشميين كان أصماً و لكنه برع بالشعر

8- الأديب مصطفى صادق الرافعي : هو أديب مصري أصيب بالصمم في الثلاثين من عمره و لكن ذلك لم يكن عائقا في الوصول إلى تلك الشهرة الأدبية الواسعة

9- ابن مكتوم الأعمى الذي تقدم صفوف معركة القادسية حاملا رايه الجيش بدرع المقاتلين في خلافه عمر بن الخطاب

10- طه حسين : أديب ومفكر وناقد مصري أصيب بالعمى وهو في الرابعة من عمره

11- أبو الأسود الدؤلي وكان أعرج وأصلع وبخيل، ومع ذلك كان شجاعاً وذكياً جداً، نعم بالرخاء على يد علي بن أبي طالب وأصبح قاضياً للبصرة ثم أميراً عليها وجعل وسيطاً بين علي ومعاوية ـ رضي الله عنهما ـ في معركة الجمل، وشارك في معركة صفين.

12- الجاحظ : كان نصفه مشلولاً ونصفه الآخر يعانى من مرض النقرس ... لكنه أفضى على التاريخ بإنجازاته العلميه والادبيه.

· أجانب معوقون ولكنهم مبدعون :

1- الرحالة ماجلان : بحار برتغالي وكان أعرجاً عرجاً شديدا دائما وهو من اكتشف كروية الأرض

2- أديسون مخترع المصباح الكهربائي، كان فاشلاً دراسياً وقد يكون لديه بطء أو صعوبة في التعليم، قدم معادلته المشهورة ومع ذلك أصبح من أهم المخترعين.

3- أينشتاين أيضاً كان فاشلاً دراسياً ولم يجتز المرحلة الإعدادية ومع ذلك طور النظرية النسبية ونشر أبحاثاً في الفيزياء، وأفاد بأن الطاقة والكتلة متكافئتان وقدم معادلته المشهورة (الطاقة = الكتلة + مربع سرعة الضوء) وأكدت نظريته قنبلتي هيروشيما وناجازاكي في اليابان ونال جائزة نوبل في الفيزياء.

4- شاتو بريان الذي كان يميل للعزلة والوحدة، وقد يكون من أطفال التوحد ولكنه أصبح مؤلفاً وأديباً وكاتباً وقربه بونابرت وأشهر رواياته (مذكرات من وراء الضريح، الشهداء، رحلة من باريس إلى القدس) .

5- هيلين كيلر المرأة المعجزة التي كانت تحمل ثلاث إعاقات هي الصم وكف البصر والخرس ورغم ذلك تعلمت الكتابة و النطق ثم تعلمت اللغات الانجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية و أصبح لها شأن في الأدب وكتابة القصة، وحصلت على شهادة الدكتوراه ولها العديد من المؤلفات أشهرها قصة حياتي, ومن أقوالها:" كن منشرح الصدر دائماً ولا تفكر في إخفاقات اليوم ولكن اهتم بالنجاحات التي ربما تأتي في الغد القريب"


6- لويس برايل، كفيف، وهو الذي اخترع طريقة برايل للمكفوفين.

7- ستيفن هوكنج، وهو مقعد وأبكم وأطلق عليه أينشتاين القرن العشرين وقد تعامل مع الحاسب الآلي واكتشف نظرية تاريخ الكون وعمل محاضراً بجامعة كمبردج ويلقي محاضراته عن طريق الحاسب الآلي واكتشف الثقوب السوداء في الكون وإشعاعاتها.

8- ماركوني، كان أعور العين ويميل للانطواء وقد يكون توحدي، وهو مخترع اللاسلكي، ومنح جائزة نوبل في الفيزياء عام 1909م، ونال ميدالية ألبرت من الجمعية البريطانية، وواصل أبحاثه في تحسين اللاسلكي.

1- لويس باستور :عالم أحياء وكميائى فرنسي ... ساهم فى دراسة التخمر والبسترة والقضاء على البكتريا وعمل أمصال للوقاية من التيفود والتهاب النخاع الشوكي رغم إصابته بمرض شلل الأطفال.

2- - فرانلكين روزفلت هو الرئيس الثاني والثلاثون للولايات المتحدة الأميركية أصيب بالشلل ولكن لم يؤثر ذلك عليه أبداً بل حقق طموحاته وأصبح رئيس اكبر دولة في العالم وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي انتخب أربع مرات متتالية وهو أول رئيس أمريكي توضع صورته على طابع بريدي وهو على قيد الحياة

مصدر:
http://www.dampress.net/?page=show_det&category_id=24&id=8086

1 comment: